منتديات بشرى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


~~عـــالم لا سكون له~~
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 غاية الحق من إيجاد الخلق

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
اللؤلؤة بشرى
نجم نشيط
نجم نشيط



انثى عدد الرسائل : 19
العمر : 41
البلد : لبنان
العمل/الترفيه : موظفة
المزاج : متفائلة
تاريخ التسجيل : 30/04/2010

غاية الحق من إيجاد الخلق Empty
مُساهمةموضوع: غاية الحق من إيجاد الخلق   غاية الحق من إيجاد الخلق I_icon_minitimeالجمعة 11 يونيو 2010 - 12:53

غاية الحق من إيجاد الخلق

لا بدَّ أن كل إنسان وعـبْر فترات عمره قد دارت في خلده أسئلة كثيرة، فهو منذ طفولته ومع بداية إدراكه وتمييزه يسأل عما يراه. فقد يسأل الطفل إذا نظر إلى السماء مثلاً، لماذا تلمع هذه النجوم؟. وأين تذهب الشمس في المساء؟. ومن أين تجيء الغيوم؟. إلى غير ذلك من الأسئلة.

إلهامات وتساؤلات

ومع نمو إدراك هذا الطفل تكثر أسئلته، طالباً من خلالها التعرف إلى هـذا
الكـون، وهكذا.. إلى أن يتجـاوز في تساؤلاته حدود هذا الكون المادي، فينتقل إلى مجال آخر ؛ فيتساءل عن موجد هذا الكون؟!. وأين هو؟!. وما غايته من إيجاده؟!. فحب الاستطلاع من أسس طبائع الإنسان، فما حقيقة تلك الأسئلة؟. وما مصدرها؟. قد تظهر وكأنها منبعثة من نفس ذلك الطفل، إلاَّ أن الحقيقة غير ذلك، فهذه الأسئلة كلها موجَّهة من الله عن طريق ملائكته لهذا الطفل، على شكل صوت خفي ينبض في قرارة نفسه، علَّها تقوم بتحريض هذا الإنسان ودفعه للبحث عمَّا خُلِقَ من أجله. فمن أجل أي شيء خلق هذا الإنسان؟. وهل صحيح أن هذا السؤال لا جواب له؟.
أم هل خُلِقَ من أجل مأكل ومشرب وزواج أو غير ذلك من شهوات؟.
حتماً ليست هي الغاية التي خلقتَ من أجلها .. فكلُّ ما هو دونك من المخلوقات والحيوانات تحصل على مثل هذا، وهي أوفر حظاً منك بالحصول على تلك الشهوات والتمتُّع بها.. فإن كانت الغاية للأكل والشرب، فالبقرة مثلاً تأكل عشرات الأرطال من طعامها.. بلذة وشهوة ونَهَم، فأي إنسان مهما بلغ هل يسبقها بالطعام؟!.
وإن كانت الغاية النكاح، فالطيور أسبق منه بكثير، فأيُّ ديك عنده الأعداد الكثيرة وقد تصل للعشرات من الدجاجات، وكذا كساء الطيور وأرياشها فهي ذات جمال منقطع النظير كالطاووس مثلاً بما حوى من روائع الخلق ،ما يغنيها عن علوم البشر ومصانع نسيجِه وصنع الملابس وما إليها من تعقيدات الحضارة ومدنيتها، وَلخلَق الله البشر على نهج الطيور الفتانة الرائعة الجمال دونما جهد ونصب لتكاليف الحياة المعقدة المرهقة، ولكفاه كما يكفي تلك الطيور الراقية البديعة التي تشدهُ العقول وتسبي القلوب، تغدو بالصباح خماصاً وتعود بالمساء بطاناً بلا جهد ولا عمل مضني.
فما الغاية التي جئنا بها إلى الدنيا إذن؟.
قيل: خلقنا الله من أجل عبادته، والدليل قوله تعالى :
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات
صحيح هذا، ولكن هذا الجواب للبعض هو سؤال في حــدِّ ذاتــه
لماذا خلقنا الله وأمرنـا بعبادته؟.
فلم خلقنا هل لأنه إله وينبغي للإله أن يكون لديه من يعبده؟. وهل هو تعالى بحاجة لعبادتنا؟.
أم أنه خلقنا وأمرنا بالعبادة ليذيقنا صنوفاً من المشقات من أوامر ونواه!. حتماً ما كانت الغاية لا هذه ولا تلك، وحاشا لله أن تكون كذلك. فإن كمال الله وأسماءه الحسنى تتنافى وهذه الغايات، فالله تعالى غني عنّا وعن عبادتنا.
إذ يقول تعالى: {مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ} (57) سورة الذاريات
الحديث القدسي الشريف: « يا عبادي: لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيتُ كلّ إنسانٍ مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلاَّ كما ينقص المخيطُ إذا أُدخل البحر..»

غاية خلقنا

إذن غاية الحق من إيجاد الخلْق أن يعـمل الإنــســان المــعـروف
يؤمن بالله ورسوله ؛ ويصبح صاحب بصيرة يرى الخير من الشر ؛ فيعمل الخير، فيسعد في دنياه ويلقى ربه بعد موته بوجه أبيض، فيخلد في جنَّاته بالغبطة الأبدية.

إليك بيان ما كنتُ قد قدَّمت له فأقول:
كان الله ولم يكن معه شيء ؛ فلا أرض ولا سماء ؛ ولا قمر ولا نجوم ؛ ولا غير ذلك من مخلوقات.
فمهما قلتَ أول، فهو أول وأول، وليس لوجوده تعالى أول، ولا شيء قبله.
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (3)سورة الحديد

الغاية من خلقنا

وقد أراد الله وهو معدن الجود والإحسان، والرحمة والفضل والحـنـان، والجـمـال والــعـظمـة والجلال، وما إليها من الأسماء الحسنى الدالة على الكمال، أراد تعالى أن يخلق المخلوقات ليذيقها من رحمته، وليغمرها بفيضٍ من برِّه وإحسانه.
وإن شئت فقل: أراد تعالى أن يخلق المخلوقات ليغمرها بذاته، حتى تسبح متنعمة في شهود جماله، وتتمتع مستغرقة في رؤية كماله.
وفي الحديث القدسي الشريف: « كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أُعرف فخلقت الخلق وعرفتهم بي فبي عرفوني » قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} سورة الذاريات الآية: (56). وقد وافق على صحة الحديث الشيخ علي ملا القاري مستنداً إلى تأويل ابن عباس رضي الله عنه لقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} : أي: ليعرفوني. وقد اعتمده الصوفية وابن عربي وبنوا عليه أصولاً.
والمراد بالكنز هنا: هو ذلك الجمال الإلهي العظيم، والكمال العالي الرفيع. ومعنى المخفي: أي الذي لا يعرفه أحد.
فأحببت أن أُعرف: وذلك من كرمه تعالى وكبير فضله، لأن من شأن الكريم أن يظهر كرمه وفضله، ويفيض برَّه وإحسانه.
فخلقت الخلق: ليتمتعوا بشهود ذلك الجمال الإلهي، وليستغرقوا في رؤية ذلك الكمال الذي لا يتناهى. وهي تشير هنا إلى إيجاده تعالى المخلوقات في ذلك العالم الذي يسمونه عالم الأزل.
وعرفتهم بي: أي عن طريق رؤيتهم لأنفسهم، توصَّلوا لمعرفتي، فتمتعوا برؤية ذلك الكنز العالي، إذ شاهدوا طرفاً من جمالي وكمالي: كان ذلك كله قبل مجيئنا إلى الدنيا.
هذا، وسبب الخروج إلى الدنيا هو أن وقوف هذه المخلوقات عند درجة واحدة من الرؤية للجمال والجلال الإلهي الذي شهدته، يجعلها فيما بعد تملّ الحال الذي هي فيه، مهما كان عالياً، ولا بدَّ لها حتى يكون النعيم والفضل تاماً من أن تترقى في الرؤية من حال إلى حال أعلى، بصورة جديدة كل الجدَّة ولا تتناهى. وتقريباً لذلك من الأذهان نقول:
لو أن رجلاً يجلس في مزرعة فاتنة جميلة لم تر مثلها العين، وظل مقيماً فيها أمداً طويلاً .. فلا شك أنه يملّها، ولا يعود يرى بعد حين ما فيها من متعة وجمال، ولا بد له حتى يدوم له النعيم، من أن ينتقل إلى بستان جديد آخر أجمل مما هو فيه.
الملل

ولا شك أن الملل يتطرَّق إلى النفوس فهي بطبيعتها تملّ دوام الحـال الواحـد.. حـتى أنهـا تملّ تكرار ودوام الأصوات والأنغام الطروبة، بل والمآكل الفاخرة بتكرارها، وكافة المشتهيات المتكررة بذاتها.
وحيث أن المخلوق لا يستطيع أن يترقى في رؤية الجمال الإلهي من حال إلى حال أعلى، إلاَّ إذا كانت له أعمال طيبة تجعله واثقاً من رضاء خالقه عنه، وتكون له بمثابة مدارج يستطيع أن يتقرَّب بها إلى الله تعالى زلفى، لذا منحنا تعالى حرية الاختيار لنكسب الأكثر، وأخرجنا تعالى إلى هذه الدنيا لنصبح أولي بصيرة نميِّز الخير من الشر، والغثَّ من الثمين، والعمل الدنيء من الأعمال الإنسانية السامية، والباقي من الزاهق الفاني، فننطلق فعل الخيرات لذا أرسل لنا رسلاً وأنبياء، أدلاَّء على الحق، ولنخضع لأوامره الخيِّرة لنا، برؤيته تعالى التي تديم نفع ما نطبِّقه أبد الآباد في الحياة وبعد الممات، فننفع عباده الذين يحبهم تعالى كما يحبنا، لأنه هو أوجدهم وخلقهم ونمَّاهم.. وبأعمالنا الطيبة، لهم يرضى عنَّا، فحين ننتقل إليه تعالى إثر انتهاء آجالنا، فإنما ننتقل بوجه أبيض بأعمالنا الطيبة فنُقبل عليه تعالى، ونتمتع بجناته اللانهائية من جنة لجنة أعلى وهلمَّ جرَّاً، مرتكزين على الثقة بما قدّمنا من أعمال عالية طيبة، تتكرَّر بالآخرة أمامنا، فتكون بمثابة مدارج لمعارجنا بالجنّات.
إذن: فالله تعالى خلق الإنسان لفعل المعروف وعمل الإحسان، وتلك غاية وجودنا إن آمنا به تعالى، فصرنا أولي بصائر نرى الخير ونعمله، ونرى الشر فنتجنبه، فهو مانح وخالق كل فضل ونعمة وإحسان، وما هذه الدنيا بذات قرار، فكل من عليها فان، ويبقى وجه ربِّك ذو الجلال والإكرام.
الشدائد وخيرها العظيم
ليس هناك من قوة معنوية تصد الإنسان عن تطبيق أوامر خالقه، وليست هناك موانع تحول بينه وبين الإذعان والتصديق.. وإن مثل هذه الاعتقادات تتنافى مع صحيح الإيمان، ولا تتوافق مع رحمة الله تعالى وعدله ورأفته بهذا الإنسان. ولو كانت هناك موانع، لما كان ضرورياً التضييق على الإنسان وسوق الشدائد والمصائب، بل لكانت هذه الشدائد والمصائب نوعاً من العبث، وحاشا لمبدع السموات والأرض، وفاطر الإنسان وموجد الكون على هذا النظام، أن يعبث بالإنسان، ذلك المخلوق الضعيف، ولا يصدر من هذا الرب العظيم إلاَّ كل كمال وخير.
قال تعالى: {لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ}،{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } (17- 18) سورة الأنبياء
إذاً فهذه المعالجات كلها من الله تعالى حق، ولها أهدافها وغاياتها.. ويتلخَّص جوابنا على قول من قال: " ماذا تفيد الشدائد في هذا الإنسان ما دامت نفسه لا تطهر من الأدران، ولا ترتد عما هي عليه من طغيان"؟.. بما يلي:
حب الدنيا رأس كل خطيئة

إن السبب في عدم رؤية الحقيقة هو حب الدنيا: إذا أحب الإنسـان الدنيـا، فـإن نفـسـه لا تتذكر إلاَّ ما تعي من محبتها، ولا تفقه إلاَّ ما تحتوي منها، فهي عندما يمَّمت شطر الدنيا.. اختزنت من الشهوات بقدر توغلها فيها، وغدت لها غطاء، فكان هذا الغطاء بمثابة حاجز يمنعها من سماع الحق. لذلك فحينما يلقى عليها شيء من الحق فلا يكون له وقعٌ فيها ولا تهشًُّ له، لأنها لم تسمع منه شيئاً لالتفاتها لِمَا فيها، وبالتالي لا تفقه منه حديثاً:
{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا}،{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا } (45-46 ) سورة الإسراء
ما دامت النفس متعلقة بالدنيا وشهواتها، معرضة عن خالقها،وعن الوجهة إليه، لا يمكن لها أن تطهر من أدرانها وانحرافاتها وشذوذها بوجه من الوجوه، فلا سبيل لطهارتها إلاَّ بإقبالها على خالقها وموجدها، وذلك بعد التوبة النصوح.

تحويلات آنية ليؤمن

أما المرض والفقر، والشدائد والمصائب، فإنما هي وسائل تـقـطع النـفــس عن الـدنــيــا، وتصرفها عن شهواتها، وتجعلها في شغل شاغل عنها، فلعل هذا الإنسان حينما ينقطع عن الدنيا بسبب شدة من الشدائد التي حلَّت به، ينيب إلى ربه ويتعرف إليه، وهنالك تتفتح أمامه سبل الإيمان، من بعد أن رفعت الشدائد من طريق النفس ما كان يعترضها من حواجز الشهوات .
المؤمن لم مج ومقت لذائذ الفجور

فإذا صدقت النفس بطلب الحقيقة والحق، بعد أن مجَّت أساليب الغش والمكـر والنفـاق والخداع لأهـل الدنيـا، فأعرضتْ عن الدنيا وزينتها وزخرفها الغرَّار، وعن لذَّتها الكاذبة الغَرور، فطلبت كما ذكرنا الحق المجرَّد والحقيقة، فقد توصلت النفس إلى الإيمان، وأريد به: الإيمان بلا إله إلا الله، وتحققت به، فما أقرب وصولها إلى الطهارة، وما أيسر وما أهون الوصول إلى الكمال، فلا حاجة والحالة هذه لشدائد ومصائب وبليات، بل تنال سعادة تتلوها سعادات، فهي بأمان من غدرات الزمان، واطمأنت لمستقبلها الأبدي السرمدي بالله مَنْ آمنت به، ووثقت به واتكلت عليه، مَنْ بيده الزمان والمكان، والمستقبل الدائم في النعيم والغبطة الأبدية، مادام هذا الإنسان على استقامة، فأولئك هم الفائزون، وتلك لأيم الحق الحياة الراقية بأسمى مراميها. كل امرئ منّا، لا بل كل إنسان ذو وعي وإدراك، إذا ألمَّ به مرض من الأمراض، أو نزلت به مصيبة من المصائب، تراه في مثل هذا الحال يعاف الدنيا ويكرهها، ولا تعود تخطر له شهواتها على بال، ولكن هل زالت الشهوات من هذه النفس بالكلية يا ترى؟. . هل طهرت من أدرانها؟. . سيكون الجواب على هذا السؤال نفياً!.

الحكمة من المصائب

فالمصائب أخمدت الجرثوم ودوَّخته وسترت العلَّة ستراً آنـيـاً،ومـا هـذه الكــراهية الــتي حـلـت بالنفس تجاه الدنيا وشهواتها إلاَّ كراهية مؤقتة، قد لا تدوم طويلاً، فإذا لم تغتنم النفس الفرصة، وإذا هي لم تتعرف إلى الله تعالى، ولم تؤمن به من بعد الشدة، فما أسرع ما تعود الشهوة وتظهر في ساحة النفس من جديد، حتى أن ظهورها قد يكون أكثر وضوحاً ،وفتكها في النفس أشدُّ خطراً. ولذلك وتلافياً للأمر واغتناماً للفرصة، يجب على الإنسان إذا هو أصبح في حال الأمن بعد الخوف، والصحة بعد المرض، والرخاء من بعد الشدة، أن يبادر إلى التعرُّف إلى ربه الذي لم يجد ملجأً إلاَّ إليه، وموئلاً ومنجياً سواه.

فتح طريق الإيمان

يجب على الإنسان وقد استجاب له الله دعاءه، فبدَّله من بعد خوفه أمناً، ومن بعد مرضه صحةً وعافية، أن يسلك طريق الإيمان، وما أيسر هذا الطريق في مثل هذه الحالة. فالفرصة عظيمة، إذ النفس انضمت إلى الفكر، وأضحت سبل التفكير مذلّلة ميسّرة فيجب اغتنامها.

طهارة النفس

وهكذا.. عندها إذا فكَّر الإنسان باحثاً عن الإيمان بلا إله إلا لله بصـدق، بالـنظــر بـالآيـات الكونية وخلقه الجسدي، مَنْ خلقه ؟!. سرعان ما يصل وهو في مثل هذه الحالة إلى ذلك المطلب العالي، فلا شك أن إيمانه هذا يجعله في حصن الاستقامة الحصين، فحيثما اتجه، وأنّى أقبل يرى الله تعالى شاهداً رقيباً، وتولِّد هذه الاستقامة لديه ثقة من رضاء الله عنه، فيقبل عليه تعالى، بوجهه الأبيض ويصلي الصلاة الحقيقية، وبهذه الصلاة، وبذلك النور الإلهي الذي شاهده، تطهر النفس مما علق بها من جرثوم الشهوات الخبيثة، وينقِّيها ربها بنوره من أدرانها، تنقية متناسبة مع إقبالها.

الغاية من الشدائد

أما وقد بيَّنا طريق الطهارة النفسية الصحيحة، وعرفنا المراد الإلهي، والـرحمة الإلهـية فـي سوق البلاء والشدة، اعتقد أنه أضحى من اليسير فهم بعض المراد من قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (21) سورة السجدة
وقوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (41) سورة الروم
وبعض المراد من قصة أصحاب الجنة التي أوردها تعالى في سورة القلم، مبيناً فيها أن البلاء الذي أصاب أولئك المزارعين الذين تحدثت عنهم تلك القصة، كان سبباً في رجوعهم إلى الله تعالى، ورغبتهم إليه، مما عقَّب تعالى بقوله الكريم : {كَذَلِكَ الْعَذَابُ ..} (33) سورة القلم.
يريد تعالى بأن يعرِّفنا بأن الغاية من العذاب رجوع الإنسان عن غيِّه ورغبته إلى ربِّه، فيرجع الله عليه إثر هذه التوبة والإيمان، بالصحة والجاه والعز والمال لينفقه في وجوه النفع الإنساني، والخير للمعوزين، فيرقى دنيا وآخرة. قال تعالى: {مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} (147) سورة النساء
وإن لم يكتسب الفرصة، ففرح بانكشاف الغمة، وعاد من بعد المصيبة والشدة، إلى الانغماس في الشهوات والملذَّات، وارتكاب المحرمات، فبشِّره من بعد هذه المصيبة بمصيبة أكبر، وشدة أعظم. وما تزال المصائب تترى متزايدة في الشدة كي يرجع ويتوب، أو يموت إن بقي مصرّاً على البغي والإعراض، وقد خسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين. قال تعالى :
{...وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (31) سورة الرعد .
والحمد لله على كل حال، فهو الذي بيده الخير فقط، ولا هادي سواه.
والصلاة على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم الذي أرسله هادياً للخلْق، ورحمة للعـالمين
هذا البحث من ثنايا علوم العلامة الكبير محمد أمين شيخو


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بشرى
نجم ممتاز
نجم ممتاز
بشرى


انثى عدد الرسائل : 102
البلد : فلسطين وبفتخر
العمل/الترفيه : 1الدكتورة2 المعلمة الدين3 الحاسوب
المزاج : شطرة
تاريخ التسجيل : 01/11/2009

غاية الحق من إيجاد الخلق Empty
مُساهمةموضوع: رد: غاية الحق من إيجاد الخلق   غاية الحق من إيجاد الخلق I_icon_minitimeالخميس 17 يونيو 2010 - 21:30

روووووووووووووووووعة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
غاية الحق من إيجاد الخلق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ألهاكم التكاثر....فعودوا إلى الحق فالعودُ أحمدُ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بشرى :: 
دينــــــــــــنا
 :: || القرآن الكريم و العقيدة الإسلامية ~
-
انتقل الى: